حبيبتي
آمال.. ابنتي ...حبيبتي، عيوني، قلبي النابض، وكل تكويني.
ابنتي ... يا من يتواصل حبها دافقا في شراييني، تعالي أضمّك وضعي يديك على جبيني ، فأنت غدوت جنّة أنعم بقربها، وسرعان ما يغدو غيابها نارا تكويني .
مجرّد غياب عشرة أيام ..كفيلة لأعاود اكتشاف مدى مركزية حضورك في دائرة الوجدان يا ابنة الأعوام الستة التي قد تبدو في سفر الزمن غير ذات قيمة ، لكنها فيما يرتبط بك وبأخيك أعطت لتواجدي قيمة.
حبيبتي ... تسعة أعوام وأنا انتظر قدومك وأخيك ..من طبيب لآخر كان الترحال، إعيتنا العلّة وأعيانا السؤال، وكانت رحمة الله كفيلة بإجابة الدعوة، وكانت الإطلالة ، لنكتشف أن الأطفال زينة ما بعدها زينة.
غياب لعشرة أيام يكويني لهذا الحدّ، فهل أوقعتني الأيام في شراك عشقك الأبدي ؟
وها نحن نلتقي ، فتعالي لأضمك من جديد ، لأبوح لكي بأسرار دفينة أدرك تماما أنك تفهمين إطارها حتى وإن لم تعنك حداثة السنّ على استلهام تفاصيلها.
حبيبتي ..واصلي الحضور والتألق في دوحة الروح ما رافق النبض شراييني، وظلي كما العصفورة مغردة ،صوتها يطرب أسماعي، ولا تبتعدي ، فابتعادك مجلبة لتيهي وارتياعي .
كلما أشتقت إليك ، عذرت العاشق الذي لا ينام ، المشتاق المكتوي بنار الفراق ، وعرفت أنه في ذات اللحظة التي سألتقيك سيظل آلاف العشاق بعيدين عن بعضهم ، فكان الله في عونهم .
حبيبتي ...ألهذا الحدّ بت مستغرقا فيك ؟ ألهذا الحدّ يمكن أن يتحول الاستغراق في الحب لحالة استعباد ؟ ألهذا الحدّ تأسرنا البراءة ؟ ألهذا الحد نستسلم ونقاد ونفقد كل ملامح الجراءة ؟
أعترف ،وأقر ، أنا الوالد المشتاق بأني بتّ أسيرا لبراءة العيون التي تتميز عن عيون الكبار بأنها تنثر العبير لكنها لا تجرح ، تناجي وتتواصل لكنها لا تفضح ، تبوح لكنها تشفي ولا تحدث الجروح ، فدمت حبيبتي ودام شعرك الحريري المدلّى تعبيرا عن جمالية رائعة ، عيناك نجمان أنارا سبيلي، فلا تغيبي كثيرا وظلي وأخيك عوني ودليلي .
حبيبتي ... أراك في تحليق يمام ببراءة تطوف ، أسمعك في هديل الحمام لحنا يسلب اللبّ، أراك في كل فضاء رحب، وأناجيك وأسأل الله أن يبقيك وأخيك ، وأن يحميكما من عثرات الزمان، فأنتما بتما جزءا رئيسا من بل غدوتما كل الكيان .
حبيبتي ... أتذكر درويش وكأنه كان علينا الافتراق لنعرف كم نحن حبيبان ، أتذكّر وقوف القدماء على الأطلال حينما كانوا ينزعون لتقبيل الآثار /أمرّ على الديار ديار ليلى أقبّل ذا الجدار وذي الجدارا
نعم ، هو ليس حبّ الديار بل حب من سكنها، وأحالها لدفقات شعورية .
حبيبتي آمال ، لا تطيلي الغياب مرّة أخرى فقد داهمت مسامعي أصوات أم كلثوم واستقرت كلمات" " والثواني جمرات في دمي " في عمق قلبي .
حبيبتي ..لا تطيلي الغياب ، عذرا فقد كنت أنا من أطلته لكن بما أنك الأصغر فسأحملك المسئولية علنّي أتخلص من عقدة الذنب، فابتعادي عنك هذه المدة -وإن كانت محدودة في عرف الأيام- أحالني لحالم فاقد لتوازنه، فلا تبتعدي .